لا يخفى عن احد ما يحدث داخل السجون من أساليب تعذيب للمساجين على نطاق جميع الدول في العالم بدون استثناء بدون أي رقيب أو حسيب ، رغم وجود المؤسسات والمنظمات الحقوقية والإنسانية والديمقراطية التي دائما تطالب باحترام الحقوق الإنسانية وحرية الرأي والتعبير و غير ذلك .
ولكن نذكر هنا بخصوص
هالموضوع التعذيب داخل سجون الأمن الداخلي في قطاع غزة – فلسطين بعد سيطرت
حركة حماس على القطاع في عام 2006 ، الحركة التي تعتنق الدين الإسلامي ك
عقيدة ومنهج ثابت في نهجها للتعامل مع الأمور الحياتية والسياسية
والاقتصادية والأمنية وغيره ، وهذا ما يجعلها تختلف عن جميع الأنظمة
العربية والغربية التي تتبع النهج العلماني في تسيير أمور العامة من شعوبهم
.
سأبدأ حديثي عن ما حصل معي داخل الأمن الداخلي شخصيا ...
باختصار :
تعرضت للإجراءات الروتينية التي يقولون عنها عند دخولي إليهم ، ك اخذ صورة
وبيانات دقيقة جدا عنك وعن عائلتك وأصدقائك وجيرانك ومكان سكنك وانتمائك
الحزبي وغير ذلك الكثير مما جعلني أقول في قرار نفسي ولمن يسألني بما حدث
معي " بان الموساد الإسرائيلي لم يطلب منك كل هالبيانات بالتفصيل الممل ك
هؤلاء " ، وبعدها أدخلوني بغرفة انتظار لأكثر من ثمانية ساعات متواصلة وأنا
اجلس على كرسي حديد بدون أي حراك أو كلام لكي يعرضوني بعدها على التحقيق
الذي كان حول خصوصيات يجب أن لا يعرفوها ، ولكن هددوني ببداية التحقيق
الاعتراف بصدق أو التعرض للشبح ، ورغم ذلك تماشيت معهم حتى ولو كانت
خصوصيات لي لأني اعلم من أنا والجميع من حولي يعرفني جيدا ، لهذا لم أكن
اخفي عليهم أي شي مع العلم بعدم وجود أي شيء ضدي إطلاقا .
وبعدها عدت
لغرفة الاحتجاز والجلوس على ذات الكرسي الحديد حتى موعد آذان المغرب ،
أخذوني إلى الزنزانة واحتجزوني ل 48 ساعة ، وعندما سألتهم قالوا لي بسبب
نشرك لمذكرة الاستدعاء التي أعطيناك إياها ع الفيس .
كنت سأكتب عنهم منذ
استدعائي واحتجازي ل 48 ساعة من التحقيق بدون أي سبب يذكر ، ولكن عندما
قرأت مقال للدكتورة رهف حنيدق على جداريتها بالفيس بوك ، جعلتني أن أضم
صوتي لصوتها بكل قوة لإنقاذ المساجين والمضطهدين والمظلومين من هذه الظاهرة
المقيته التي تسيء للإسلام الذي حث على الأخلاق والرحمة والاحترام وغيرها
من الصفات الحميدة التي يعرفها الصغير قبل الكبير من عموم المسلمين باختلاف
أجناسهم وألوانهم وطبقاتهم .
هذا وباختصار ما حدث معي ، ولكن ما تطرقت
اليه حنيدق في مقالها من أساليب تعذيب سمعتها من البعض ممن اعتقل عندهم
صحيحة ، وما يثبت ذلك قول المحقق لي عندما سألته بعد اليوم الثاني من خروجي
من عندهم للمراجعة ،
لماذا المواطنين ماخدين عنكم فكرة زي الزفت ؟ جاوبني بكل صراحة من نمسكه على قضايا أمنية وأخلاقية نشبحه ونلعن أبو سلسفيل أهله .
واليكم مقالها : بعنوان " في سجون الأمن الداخلي : رسالة إلى كل مسؤول وصاحب منصب وقرار " ،
في
سجون الأمن الداخلي عندما تطأ أقدامك عتباته يُدخل في وجهك كيس أسود,
رائحته عفنة منتنة, قد تكون رائحة دماء ولعاب وقيح وقيء من سبقك في سجون
الأمن الداخلي ، تُجرد من ثيابك , وتربط يديك إلى الخلف , ويلقى بك مستلق
على وجهك على أرضية قذرة , قد يكون بال عليها من سبقك من كثرة الخوف أو
التعذيب .
في سجون الأمن الداخلي تسمع صوت الخرطوم الذي ستجلد به في الهواء قبل أن يرتطم بجسدك المنهار.
في
سجون الأمن الداخلي تلهبك السياط التي تسبح في جسدك , فتنال كل مكان فيه,
ويتم التركيز على المناطق الحساسة ومقدمات الأصابع , لجعلك عاجزاً مدى
الحياة , أو لا تستطيع أن تمسك قلماً تكتب به و تطالب بحقك في الحياة.
في سجون الأمن الداخلي أصوات تعذيب المعتقلين كافية بأن تقتلك ألف ألف مرة .
في
سجون الأمن الداخلي تقف ساعات طويلة ووجهك إلى الحائط ترفع يديك إلى
الأعلى, والويل ثم الويل لك إذا شعرت بالتعب أو بخذلانهم فأنزلتهما أو
أنزلت إحداهما؛ عندئذ ستنهال عليك السياط من كل جانب, وينهال عليك وابل من
السباب والشتائم .
في سجون الأمن الداخلي تُسب أمك وأختك وزوجتك وشرفك ,
ويتهم بالزنى والخيانة والعمالة أنت وكل من عرفت. ولا أسوأ ولا أبشع على
نفسك البشرية الأبية من أن يقال لك أمك عاهرة , أختك زانية , وسأترفع عن
الألفاظ السوقية التي لا تليق، وفهمكم كفاية .
في سجون الأمن الداخلي
تجلس القرفصاء لساعات طويلة ، وتمنع من الاستنجاد بأحد حتى الله, فأنت في
نظرهم لا تعرفه , ولا أنت بمسلم ولا فلسطيني ولا إنسان ولا تستحق حتى
معاملة الحيوان .
في سجون الأمن الداخلي توضع قدميك بين فتحتي الكرسي
الجانبية ويجلس شيء ضخم عليهما فيمنعك من الحركة وتنهال السياط على قدميك
تتراً حتى تفقد وعيك, أو تصيبك حالة من الهستيريا أو حتى الجنون .
في
سجون الأمن الداخلي توضع في زنزانة بحجم القبر متر في 40سم داخلها مكان
تقضي حاجتك فيه, بالكاد تستطيع أن تجلس أو أن تمدد جسدك المنهوك من الضرب
والتعذيب .
في سجون الأمن الداخلي تمتهن كرامة الإنسان , وتُفقد آدميته ,
ويصبح رقماً لا قيمة له ولا وزن , فيحلق شعره , وتُذل نفسه , وتسحق هويته ,
وتُلصق به كل تهم العالم, من زعزعة للأمن, إلى الجوسسة, إلى الخيانة
العظمى, إلى نشر الرذيلة , إلى التعاون مع أجندات خارجية , إلى التشهير
بالوطنيين والمخلصين, إلى ...
في سجون الأمن الداخلي توقع على تعهد
بمبلغ عشرة آلاف شيكل فما فوق فيما لو خالفت التعليمات فنشرت على وسائل
التواصل الاجتماعي أي شيء يمس فساد المسئولين أو أبنائهم , أو تساءلت لماذا
ينعم المسؤول وأبنائه بالمال والوظيفة والعلاج والسفر بينما أنت مطحون لا
تجد ما يسد جوعك وجوع أبناءك , أو طالبت بحقك في الحياة, بعيشة هنية , أو
وظيفة تكفيك ذل السؤال, أو عمل يسدد لابنك أو ابنتك رسومهما الجامعية, أو
انتقدت فعل أحمق أو قول غير مسؤول أو فضحت كذبة لذلك القائد المغوار , أو
أين يذهب ويُهدر المال العام , أو تساءلت لماذا هناك مئة ألف قضية ذمة
مالية في المحاكم ومعظم التجار خسروا تجارتهم وأموالهم, بينما مشاريع
وأموال القادة وأبنائهم تنمو وتزيد؟ أو تجرأت أن تطالب بمحاسبة المسئولين
بقولك : من أين لك هذا؟
* يا دكتوري أتذكر عندما قُلت لك : الأمن
الداخلي هشم وحطم وكسر وعذب و... قلت لي : هل دخلت السجون ورأيت التعذيب
بأم عينيك؟ قلت لك: لا, فاتهمتني بالسذاجة والسطحية وأن هناك من سلطني على
حماس, ثم حظرتني . وأنت تعلم علم اليقين أنني لست بسطحية , ولا ساذجة , ولم
يسلطني أحد , ولكنه صوت الإسلام والدين النقي الصافي الذي تربيت عليه ,
إنه صوت الحق الذي لا يخبو, كلماتك القاسية تلك جعلتني أبحث وأفتش وألتقي
بمن خرج من سجونكم؛ فرأيت بأم عيني آثار التعذيب والوحشية, فهذا فقد عينه,
وذاك لا يقوى على رفع صلبه, وتلك تبكي أن زوجها عاجز أن يقربها وهي وهو ما
زالا في ربيع شبابهما .
* في عام 2010م إذا لم تخني ذاكرتي, دار حوار
بيني وبين دكتوري، في آخر محاضرة في متطلب الفقه المنهجي, عندما لم يحضر من
الطالبات إلا أربعة , تجاذبنا أطراف الحديث فقال لي : يا رهف لو رأيت
دكتورك الليلة كيف بكى وانتحب كطفل صغير فقد أمه وأبيه , وكل من في الوجود .
فلما
سألته لماذا؟ قال لي: قرأت كتاب (القوقعة) لمصطفي خليفة ذاك الشاب المسيحي
الذي أسمته أمه مصطفى لأنه كان لا يعيش لها ولد, فنذرت لله إن أعطاها الله
ولداً أن تسميه على اسم نبينا المصطفى محمداً, فسمته مصطفى, ودرس الفن
المسرحي في باريس, وعند عودته بعد تخرجه وفي إحدى مطارات الدول العربية
اعتقل على خلفية سياسية لتشابه الأسماء, فقضى في المعتقلات عشر سنوات, فلما
خرج بواسطة خاله الذي أصبح وزيراً للحربية, كتب رحلة عذابه داخل السجون .
يا دكتور في سجونكم يُمارس التعذيب كما جاء في كتاب القوقعة.
*
ودار حوار آخر بيني وبين دكتور آخر حول الاعتقال على حرية الرأي ، فقال لي
بالحرف الواحد : لا للاعتقال السياسي على حرية الرأي والتعبير, أنا أرفض
ذلك مطلقاً, أتذكر عندما قلت لك : هناك تعذيب وتشويه وقمع للمعتقلين على
حرية الرأي , قلت لي : مستحيل , ونحن لا نسمح بذلك , ونرفض ذلك بتاتاً,
وانتهى النقاش بعد أن وعدتك عند عودتي من زيارة أهلي في سوريا أن آتيك
بالدليل والبرهان وذكرت يومها لك أسماء محاميان اثنان , كانا قد خرجا قبل
يومين من السجن . وعندما عدت وكلما رآني عبس في وجهي , وعاملتي معاملة فيها
من الجفاء ما لم أعهده منه.
* وإلى ذلك الدكتور الذي قال لي : كل من
خرج في حراك بدنا نعيش يجب أن تكسر يديه وقدميه, فلما اعترضت وجادلت وقلت
لك : بأي حق, وبأي إسلام, وبأي دين تقول ذلك ؟ فلم ترد عليّ .
فلما
ألححت عليك وجادلتك بالآيات البينات , وذكرت أمثلة من القرآن عن محاورة
سيدنا نوح لقومه وسيدنا شعيب , لم تملك إلا أن قلت لي : خسارة علي الشهادة
التي تحمليها , وخسارة على العلم الذي تعلمتيه .
إلى كل مسئول وصاحب
قرار هذا ما يحدث في سجونكم , وليس ذلك مقصوراً على الأمن الداخلي فقط , بل
أيضاً مراكز الشرطة , ففي الاقتتال العائلي بين عائلتي وعائلة القطاطوة تم
تكسير وضرب وشتم وتعذيب الجميع بلا استثناء, على الرغم من أن القاتل سلَّم
نفسه, وما قصة عنان أبو جامع عنكم ببعيد.
إن كنتم لا تعلمون فها أنتم
قد علمتم , وما عليكم إلا أن تتحققوا من أقوالي, وما أظن أنه سيعجزكم
الأمر, وإن كنتم تعلمون ولم تحركوا ساكناً فباطن الأرض خير لكم من ظاهرها,
وإن كنتم قد أصدرتم فتاويكم بذلك , واستحللتم دماؤنا, فدماؤنا حرام عليكم,
حرام عليكم, حرام عليكم .
أذكركم بقول رسول الله: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ،
وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، وَأَبْشَارَكُمْ، عَلَيْكُمْ حَرَامٌ،
كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا،
أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ"
نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ
وقال أيضاً: "إنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا"
وهذا
قول علماء الأمة من السلف الصالح فيمن ثبتت عليه تهمة ما: "الأذى المشروع
للمتهم يكون بما لا يَشُق جلدًا، ولا يُنهر دمًا، ولا يَكسر عظمًا، ولا بد
من مراعاة ذلك في الآلة، والكيفية. فلا يجوز تعذيب المتهم بالضرب على:
الوجه، والصدر، والنحر، والبطن، ومكان العورة؛ لأنها مواضع مخوفة يُخشى
عليه فيها من الهلاك، أو الضرر. ولا يجوز تعذيبه: بالنار أو الكهرباء، ولا
تعريضه للبرد أو الحر الشديد، أو تجريده من الملابس وكشف عورته، أو قلع
أظفاره أو شعره، أو حرمانه الطويل من الطعام أو النوم، أو تعذيبه بما فيه
إهدار آدميته كشتمه ولعنه وتحقيره، أو منعه من العلاج، وغير ذلك من صور
الإذلال والاحتقار.
وأنهت مقالها بقول " اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد " ،
وأخيرا
ما قالته حنيدق يقع على عاتقها لا أتحمل مسؤوليته إطلاقا رغم نشري لمقالها
من بعد ما قرأته ولامست فيه بعض الحقائق التي سمعتها أنا كذلك ولم أراها ،
وما نتمناه فعليا بان يكون هناك رقيب وحسيب داخل سجون الأمن الداخلي
والشرطة للاطلاع على أي مخالفات وانتهاكات ، مع العلم بأن جميع الحقوق
والمواثيق الدولية تنص على احترام السجين واعتباره إنسان له حقوق وواجبات
وخصوصيات يجب احترامها وعدم انتهاكها هذا ما أعطاه الله لهم ، فمن أنت أيه
العبد لكي تأخذها منهم .
اتقوا الله في أنفسكم وأبناء شعبكم .
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق